10 قصص عن الخاتمة
نحناليوم مع قصه النهاية 00 نعم النهاية التي لطالما غفلنا أو تغافلنا عنهامع أننا مستيقنين بها . إنها اللحظات الأخيرة من عمر لعله يكون طويلا أوقصيرا..
أنها اللحظات التي قال المولى عز وجل : { كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق } . نعم عباد الله إنه الفراق ... إنه ليس فراقاعاديا وليست رحله عاديه يودع فيها المرء أهله وذويه فترة ثم يعود إليهموليست تجربه حرة يؤديها الإنسان فإن فشل فيها لجأ إلى غيرها حتى يرتاح إلىنتائجها .إنها تجربة نادرة مع المرء .. ورحلة إلى عالم آخر وفراق في غايةالألم والحرقة .
إنها لحظات تكون فيها حالة الزفير أطول من الشهية ويضيق مجرىالتنفس حتى وكأن المرء بتنفس من ثقب إبرة والمهم هنا وقبيل توديع الحياةفي اللحظات الأخيرة .. في الدقائق الأخيرة من العمر .. بماذا يتلفظالإنسان ؟
مما يشار إليه هنا أن المرء لا يقدر أن يتلفظ بما خطط لهفي حياته ولا يستطيع أن يقول الكلمات التي دبلجها سابقا الله اكبر ماأعظمها من لحظات .
القصــــــة الأولــــى
إنه يقرأ القرآن
شخص يسيربسيارته سيراً عادياً , وتعطلت سيـــــارته في أحد الأنفاق المؤدية إلىالمدينة . ترجّل من سيارته لإصـلاح العطل في أحد العجلات وعندما وقف خلفالسيارة لكي ينزل العجلة السليمة . جاءت سيارة مسرعة وارتطمـــــــــتبـــه من الخلف .. سقط مصاباً إصابات بالغة .
يقول أحد العاملين فيمراقبة الطرق : حضرت أنا وزميلي وحملناه معنا في السيارة وقمنا بالاتصالبالمستشفى لاستقباله شاب في مقتبل العمر .. متديّن يبدو ذلك من مظهره .عندما حملناه سمعناه يهمهم .. ولعجلتنا لم نميز ما يقـــــــول , ولكنعندما وضعناه في السيارة وسرنا .. سمعنا صوتاً مميزاً إنه يقرأ القرآنوبصوتٍ ندي .. سبحان الله لا تقول هــــــــــذا مصاب .. الدم قد غطىثيابه .. وتكسرت عظامه .. بل هـــــو على ما يبدو على مشارف الموت .
استمرّيقرأ القرآن بصوتٍ جميل .. يرتل القــــــــرآن .. لم أسمع في حياتي مثلتلك القراءة . أحسست أن رعشة ســـرت في جسدي وبين أضلعي . فجأة سكت ذلكالصوت .. التفــــت إلى الخلف فإذا به رافعاً إصبع السبابة يتشهد ثم انحنىرأســه قفزت إلي الخلف .. لمست يده .. قلبه .. أنفاسه . لا شيء فارقالحياة .
نظرت إليه طويلاً .. سقطت دمعة من عيني..أخفيتــــها عنزميلي.. التفت إليه وأخبرته أن الرجل قد مات.. انطــــــــــلق زمــيلي فيبكاء.. أما أنا فقد شهقت شهقة وأصبحت دموعي لا تقف.. أصبح منظرنا داخلالسيارة مؤثر.
وصلناالمستشفى.. أخبرنا كل من قابلنا عن قصة الرجــل.. الكثيرون تأثروا منالحادثة موته وذرفت دموعهم.. أحدهـم بعدما سمع قصة الرجل ذهب وقبل جبينه..الجميع أصروا على عدم الذهاب حتى يعرفوا متى يُصلى عليه ليتمكنوا منالصلاة عليه.اتصل أحد الموظفين في المستشفى بمنــــــــزل المتوفى.. كانالمتحدث أخوه.. قال عنه.. إنه يذهب كل اثنين لزيارة جدته الوحيدة قيالقرية.. كان يتفقد الأرامل والأيتام.. والمساكين.. كانت تلك القرية تعرفهفهو يحضر لهم الكتـــب والأشرطة الدينية.. وكان يذهب وسيـــــــارتهمملوءة بالأرز والسكر لتوزيعها على المحتاجين..وحتى حلوى الأطفــال لاينساها ليفرحهم بها..وكان يرد على من يثنيه عن الســــــــفر ويذكر له طولالطريق..إنني أستفيد من طول الطريق بحفظ القرآن ومراجعته.. وسماع الأشرطةوالمحاضرات الدينية.. وإنني أحتسب عند الله كل خطوة أخطوها..
منالغد غص المسجد بالمصلين .. صليت عليه مع جموع المسلمين الكثيرة .. وبعدأن انتهينا من الصلاة حملناه إلــــى المقبرة .. أدخلناه في تلك الحفرةالضيقة ..
استقبل أول أيام الآخرة .. وكأنني استقبلت أول أيام الدنيا *
الزمن القادم ــ عبد الملك القاسم .
القصــــة الثـانيــــــة
وهذا شابٌ في سكرات الموت يقولون له : قل لا إله إلا الله .فيقول: أعطوني دخاناً. فيقولون: قل لا إله إلا الله .
فيقول: أعطوني دخاناً. فيقولون : قل لا إله إلا الله علــه يختم لك بها. فيقول : أنا برئٌ منها أعطوني دخاناً .
شريط الشيخ على القرني / الإيمان والحياة
القصــة الثالثــة
وشابٌ آخر كان صاداً وناداً عن الله سبحانه وتعالى وحلت به سكرات الموت التي لابد أن تحل بي وبك .
جاءجُلاسه فقالوا له : قل لا إله إلا الله . فيتكلم بكل كلمة ولا يقولها .ثمّ يقول في الأخير أعطوني مصحفاً ففـــرحوا واستبشروا وقالوا : لعله يقرأآية من كتاب الله فيختم له بها
فأخذ المصحف ورفعه بيده وقال:
أشهدكم إني قد كفرت برب هذا المصحف .
المصدر السابق
القصــــة الرابعـــة
توبة شاب .. معاكس
حدثت هذهالقصة في أسواق العويس بالرياض . يقول أحــــــد الصالحين : كنت أمشي فيسيارتي بجانب السوق فإذا شـــــاب يعاكس فتاة , يقول فترددت هل أنصحه أملا ؟ ثم عزمت علــى أن أنصحه , فلما نزلت من السيارة هربت الفتاة والشابخـاف توقعوا أني من الهيئة ,فسلمت على الشاب وقلت : أنا لســــت من الهيئةولا من الشرطة وإنما أخٌ أحببت لك الخير فأحببـــت أن أنصحك . ثم جلسناوبدأت أذكره بالله حتى ذرفت عيناه ثــم تفرقنا وأخذت تلفونه وأخذ تلفونيوبعد أسبوعين كنت أفتــش في جيبي وجدت رقم الشاب فقلت: أتصل به وكان وقتالصباح فأتصلت به قلت : السلام عليكم فلان هل عرفتني , قال وكيــف لا أعرفالصوت الذي سمعت به كلمات الهداية وأبصرت النور وطريق الحق . فضربنا موعداللقاء بعد العصر, وقــدّر الله أن يأتيني ضيوف, فتأخرت على صاحبي حواليالساعة ثم ترددت هل أذهب له أو لا . فقلت أفي بوعدي ولو متأخراً,وعندمــــــا طرقت الباب فتح لي والده . فقلت السلام عليكم قالوعليكــــــم السلام , قلت فلان موجود , فأخذ ينظر إلي , قلت فلان موجـود وهو ينظر إلي باستغراب قال يا ولدي هذا تراب قبره قد دفنــاه قبل قليل .قلت يا والد قد كلمني الصباح , قال صلى الظــهر ثم جلس في المسجد يقرأالقرآن وعاد إلى البيت ونام القيلولـــــة فلما أردنا إيقاظه للغداء فإذاروحه قد فاضت إلى الله . يقــــول الأب :ولقد كان أبني من الذين يجاهرونبالمعصية لكنه قبــــل أسبوعين تغيرت حاله وأصبح هو الذي يوقظنا لصلاةالفجــــر بعد أن كان يرفض القيام للصلاة ويجاهرنا بالمعصية في عقــردارنا , ثم منّ الله عليه بالهداية .
ثم قال الرجل : متى عرفت ولدي يا بني ؟
قلت : منذ أسبوعين . فقال : أنت الذي نصحته ؟ قلت : نعم
قال : دعني أقبّل رأساً أنقذ أبني من النار
شريط نهاية الشباب منوع
القصــة الخـامسة
سقر وما أدراك ما سقر
وقع حادثفي مدينة الرياض على إحدى الطرق السريعة لثلاثة من الشباب كانوا يستقلونسيارة واحدة تُوفي اثنان وبقــــــــي الثالث في الرمق الأخير يقول له رجلالمرور الذي حضـــــــــر الحادث قل لا إله إلا الله . فأخذ يحكي عن نفسهويقول :
أنـــــا في سقر .. أنــــــا في سقر حتى مات على ذلك .رجـــــل المرور يسأل ويقول ما هي سقر ؟ فيجد الجــواب في كتاب الله{سأصليه سقر . وما أدراك ما سقر . لا تبقي ولا تذر . لواحةٌ للبشر ...} {ما سلككم في سقر . قالوا لم نكُ من المصلين ...}
شريط كل من عليها فان .. منوع
القصــة الســادسة
تـــــوبة محمد
يقول أحد الشباب :
نحنمجموعة من الشباب ندرس في إحدى الجامعات وكان من بيننا صديقٌ عزيزٌ يقالله محمد . كان محمد يحيي لنــا السهرات ويجيد العزف على النّاي حتى تطربعظامنــــــا.
والمتفق عليه عندنا أن سهرة بدون محمد سهرةٌ ميتـــــــة لا أنس فيها.
مضتالأيام على هذا الحال. وفي يوم من الأيام جاء محمد إلى الجامعة وقد تغيّرتملامحه ظهر عليه آثار السكينــــة والخشوع فجئت إليه أحدّثه فقلت : يامحمد ماذا بك؟ كـأن الوجه غير الوجه. فرد عليه محمد بلهجة عزيزة وقـــال :
طلّقت الضياع والخراب وإني تائبٌ إلى الله. فقال له الشاب على العمومعندنا الليلة سهرة لا تفوّت وسيكون عندنـــــا ضيفٌ تحبه إنه المطربالفلاني . فرد ّ محمد عليه : أرجو أن تعذرني فقد قررت أن أقاطع هذهالجلسات الضائعـــــــة فجنّ جنون هذا الشاب وبدأ يرعد ويزبد . فقال لهمحمـــد:
اسمعيا فلان . كم بقي من عمرك؟ ها أنت تعيش في قوة بدنية وعقلية . وتعيش حيويةالشباب فإلى متى تبقى مذنباً غارقاً في المعاصي . لما لا تغتنم هذا العمرفي أعمال الخير والطّاعات وواصل محمد الوعظ وتناثرة باقة ٌمن النصائـحالجميلة . من قلبٍ صادق من محمد التائب. يا فلان إلى متى تسوّف؟ لا صلاةلربك ولا عبادة . أما تدري أنك قد تمــوت اليوم أو غداً . كم من مغترٍبشبابه وملك الموت عند بابـــه كم من مغتر عن أمره منتظراً فراغ شهره وقدآن إنصرام عمره . كم من غارقٍ في لهوه وأنسه وما شعر . أنه قــــد دناغروب شمسه . يقول هذا الشاب : وتفرقنا على ذلـــك وكان من الغد دخول شهررمضان . وفي ثاني أيام رمضان ذهبت إلى الجامعة لحضور محاضرات السبتفوجـــــــدت الشباب قد تغيّرت وجوههم . قلت : ما بالكم ؟ قال أحدهم:
محمدٌبالأمس خرج من صلاة الجمعة فصدمته سيــــــارة مسرعة .. لا إله إلا اللهتوفاه الله وهو صائم مصـــلّي الله أكبر ما أجملها من خاتمة .
قال الشاب : صلينا على محمد في عصر ذلك اليوم وأهلينا عليه التراب وكان منظراً مؤثراً
المصدر السابق
القصـــة السـابعة
مصيبــــــــــــــة
أتوا بشابإلى جامع الراجحي بالرياض بعد إن مات فـــي حادث لكي يُغسل . وبدأ أحدالشباب المتطوعين يباشــــــر التغسيل وكان يتأمل وجه ذلك الشاب. إنه وجهٌأبيــض وجميل حقاً لكان هذا الوجه بدأ يتغير تدريجياً من البياض إلىالسمرة . والسمرة تزداد حتى أنقلب وجهه إلى أسود كالفحم . فخــــرج الشابالذي يغسله مسرعاً خائفاً وسأل عن وليّ هذا الشاب . قيل له هو ذاك الذييقف في الركن ذهب إليه مسرعاً فوجده يدخن . قال : وفي مثل هذا الموقف تدخنماذا كان يعمل أبنك؟
قال : لا أعلم . قال : أكان يصلي؟ قال: لا والله ما كان يعــرف الصلاة. قال: فخذ أبنك والله لا أغسله في هذه المغسلة ثم حُمل ولا يُعلم أين ذُهب به .
المصدر السابق
القصـــة الثــامنة
الرحيـــــل ..
بدت أختيشاحبة الوجه نحيلة الجسم.. لكنها كعادتها تقـــــرأ القرآن الكريم .. تبحثعنها تجدها في مصلاها راكعة ساجـــد رافعة يديها إلى السماء .. هكذا فيالصباح وفي المساء وفـي جوف الليل لا تفتر ولا تمل ..
كنت أحرص علىقراءة المجلات الفنية والكتب ذات الطابع القصصي .. أشاهد الفيديو بكثرةلدرجة أني عُرفت به.. ومـن أكثر من شيء عُرف به.. لا أؤدي واجباتي كاملة ,ولســـــت
منضبطة في صلواتي ..
بعد أن أغلقت جهاز الفيديو وقد شاهدت أفلاماً منوعـــــــة لمدة ثلاث ساعات متواصلة.. ها هو ذا الأذان يرتفع مـــــــن المسجد المجاور .. عدت إلى فراشي .
تناديني من مصلاها .. قلت نعم ماذا تريدين يا نورة ؟
قالت لي بنبرة حادة : لا تنامي قبل أن تصلي الفجر ..
أوه..بقي ساعة على صلاة الفجر وما سمعته كان الأذن الأول بنبرتها الحنونة ــهكذا هي حتى قبل أن يصيبها المـــــــــرض الخبيث وتسقط طريحة الفراش ــنادتني : تعالي يا هناء إلــى جانبي .. لا أستطيع إطلاقاً ردّ طلبها..تشعر بصفائها وصدقها نعم ماذا تريدين ؟ أجلسي .. ها قد جلست ماذا تريدين؟
بصوت عذب {كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركــــم يوم القيامة }.
سكتت برهة .. ثم سألتني: ألم تؤمني بالموت ؟.. بلى مؤمنة ألم تؤمني بأنك ستحاسبين على كل صغيرة وكبيرة ؟
بلى .. لكن الله غفور رحيم .. والعمر طويل ..
يا أختي ألا تخافين من الموت وبغتته ؟
انظري هنداً أصغر منكِ وتوفيت في حادث سيارة .. وفلانـــــة وفلانة .. الموت لا يعرف العمر وليس مقياساً له ..
أجبتها بصوت خائف حيث مصلاها المظلم ..
إنني أخاف من الظلام وأخفتيني من الموت .. كيف أنام الآن؟
كنت أظن أنكِ وافقتي على السفر معنا هذه الإجازة .
فجأة .. تحشرج صوتها وأهتز قلبي ..
لعلي هذه السنة أسافر سفراً بعيداً.إلى مكان آخر..ربما يا هناء الأعمار بيد الله .. وانفجرتُ بالبكاء..
تفكرتفي مرضها الخبيث وأن الأطباء أخبروا أبي ســــراً أن المرض ربما لن يمهلهاطويلاً .. ولكن من أخبرها بذلك .. أم أنها تتوقع هذا الشيء ؟
ما لك بما تفكرين ؟ جاءني صوتها القوي هذه المرة ..
هلتعتقدين أني أقول هذا لأني مريضة ؟ كلا .. ربما أكون أطول عمراً منالأصحاء .. وأنت إلى متى ستعيشين ؟ ربـــما عشرين سنة .. ربما أربعين ..ثم ماذا ؟
لمعت يدها في الظلام وهزتها بقوة..لا فرق بيننا, كلنا سنرحل وسنغادر هذه الدنيا إما إلى الجنة أو إلى النار ..
تصبحين على خير هرولتُ مسرعة وصوتها يطرق أذنــــــــي هداك الله .. لا تنسي الصلاة ..
وفي الثامنة صباحاً أسمع طرقاً على الباب .. هذا ليس موعد استيقاظي .. بكاء .. وأصوات .. ماذا جرى ؟
لقد تردت حالة نورة وذهب بها أبي إلى المستشفى ..
إنا لله وإنا إليه راجعون ..
لا سفر هذه السنة , مكتوب عليّ البقاء هذه السنة في بيتنا ..
بعد انتظار طويل .. بعد الواحدة ظهراً هاتفنا أبي من المستشفى .. تستطيعون زيارتها الآن .. هيا بسرعة..
أخبرتني أمي أن حديث أبي غير مطمئن وأن صوته متغير ..
ركبنا في السيارة .. أمي بجواري تدعو لها ..إنها بنت صالحة ومطيعة .. لم أرها تضيّع وقتاً أبداً ..
دخلنامن الباب الخارجي للمستشفى وصعدنا درجات السلـــــم بسرعة . قالت الممرضة: إنها في غرفة العناية المركــــــــزة وسآخذكم إليها , إنها بنت طيّبةوطمأنت أمي إنها في تحســن بعد الغيبوبة التي حصلت لها .. ممنــــــوعالدخول لأكثر من شخص واحد . هذه غرفة العناية المركزة .
وسطزحام الأطباء وعبر النافذة الصغيرة التي في باب الغرفة أرى عيني أختي نورةتنظر إليّ وأمي واقفة بجوارها , بعـــد دقيقتين خرجت أمي التي لم تستطعإخفاء دمعتها .
سمحوا لي بالدخول والسلام عليها بشرط أن لا أتحدّث معها كثيراً .
كيف حالك يا نورة ؟ لقد كنتِ بخير البارحة.. ماذا جرى لك ؟
أجابتني بعد أن ضغطت على يدي : وأن الآن والحمد لله بخير كنتُ جالسة على حافة السرير ولامست ساقها فأبعدته عنـــي قلت آسفة إذا ضايقتكِ .. قالت : كلا ولكني تفكرت في قول الله
تعالى : { والتفت الساق بالساق * إلى ربك يومئذ المساق }
عليك يا هناء بالدعاء لي فربما أستقبل عن ما قريب أول أيام الآخرة .. سفري بعيد وزادي قليل .
سقطت دمعة من عيني بعد أن سمعت ما قالت وبكيت ..
لم أنتبه أين أنا .. استمرت عيناي في البكاء .. أصبح أبي خائفاً عليّ أكثر من نورة .. لم يتعودوا هذا البكاء والانطواء في غرفتي ..
مع غروب شمس ذلك اليوم الحزين .. ساد صمت طويل في بيتنا .. دخلت عليّه ابنة خالتي .. ابنة عمتي
أحداث سريعة.. كثر القادمون .. اختلطت الأصوات .. شيء واحد عرفته .........
نــــــــــــورة مـــــــــاتت .
لم أعد أميز من جاء .. ولا أعرف ماذا قالوا ..
يا الله .. أين أنا ؟ وماذا يجري ؟ عجزت حتى عن البكاء ..
تذكرت من قاسمتني رحم أمي , فنحن توأمان .. تذكرت من شاركتني همومي .. تذكرت من نفّـست عني كربتي .. مـــن
دعت لي بالهداية .. من ذرفت دموعها ليالي طويلة وهي تحدّثني عن الموت والحساب ..
الله المستعان .. هذه أول ليلة لها في قبرها .. اللهم ارحمهـا ونور لها قبرها .. هذا هو مصلاها .. وهذا هو مصحفها ..
وهذه سجادتها .. وهذا .. وهذا ..
بل هذا هو فستانها الوردي الذي قالت لي سأخبئه لزواجي..
تذكرتهاوبكيت على أيامي الضائعة .. بكيت بكاءً متواصلاً ودعوت الله أن يتوب عليويعفو عنّي .. دعوت الله أن يثبّتها في قبرها كما كانت تحب أن تدعو .
الزمن القادم ــ عبد الملك القاسم
القصـــــة التـــــاسعة
يريد أن يجدّد العلاقة مع ربه
يقول منوقف على القصة : ذهبنا للدعوة إلى الله في قرية من قرى البلاد فلمادخلناها وتعرفنا على خطيب الجامع فيها قال خطيب الجامع: أبنائي أريد منكمأحد أن يخطب عني غداً الجمعة . يقول فتشاورنا , فكانت الخطبة عليّ أنا .فتوكلـــت على الله . وقمت في الجمعة خطيباً ومذكراً وواعظاً, وتكلمت عنالموت وعن السكرات وعن القبر وعن المحـــــشر وعن النار وعن الجنّة . يقول: فإذا البكاء يرتفع في المسجد فلمـا انتهينا من الصلاة فإذا شابٌ ليسعليه سمــــات الالــــــتزام يتخطى الناس ويأتي إليّ وكان حلــــــيقاللحية مسبل الثوب رائحة الدخان تنبعث من ثيابه فوضع رأسه على صــــــدريوهو يبكي بكاءً مراً , ويقول : أين أنتم أخي ؟ أريد أن أتوب مللت منالمخدرات مللت من الضياع . أريد أن أتوب ــ يريد أن يجدد العلاقة مع الله, يريد أن يمسك الطريق المستقيـم ــ
يقولفأخذناه إلى مكان الوليمة الذي أعد لنا . فأعطيناه رقم الهاتف .. واتصلبنا بعد أيام وقال : لا بد أن أراكم . يقــول فذهبنا إليه وأخذناه إلىمحاضرة . وبعد أيام أتصل بنا أيضاً وقال سآتيكم .
يقول : فيا للعجب عندما رأيناه وقد قصر ثوبه وأرخـــى لحيته وترك الدخان , يقول والله لقد رأيت النور يشعّ مــــن وجهه .
يقول: ثم ذهب من قريته إلى مدينة أخرى في نجد . ذهب إلى أمه . جلس معها عندأخيه فإذا هو بالليل قائم وبالنهار صائم لمدة ثلاثة أشهر وفي رمضان قاللأمه : أريد أن أذهب إلى إفغانستان .. لا يكفر ذنوبي إلى الجهاد . قالتأمه:
أذهب بني .. أذهب رعاك الله .
قال : بشرط أن أذهب بكِ إلىالعمرة قبل أن أذهب إلى إفغانستان . فإذا بأخيه يقول له : أخي لا تذهببسيارتي إلى العمرة فقد اشتريتها بأقساط ربويه . قال : والله لن أذهب إلىمكة ولكن سوف أذهب إلى الرياض لأبيع هذه السيارة واشتري لك سيارة خيراًمنها .
وفي طريقه إلى الرياض تنقلب به السيارة ويموت وهو صائم .. ويموت وهو يحمل القرآن .. ويمــــــوت ذاهبٌ إلى إفغانستان .. ويموت وهو بارٌ بأمة .. ويمــــــوت وهو بنية العمرة
شريط نهاية الشباب .. منوع
القصة العاشرة
من يخونه قلبه ولسانه عند الاحتضار
** ذكر هشام عن أبي حفص قال :
دخلتُ على رجلٍ بالمصيصة {مدينة على شاطيء جيحان} وهو في الموت . فقلت : قل لا إله إلا الله . فقال : هيهـــات حيل بيني وبينها .
** وقيل لآخر : قل لا إله إلا الله . فقال : شاه رخ { اسمان لحجرين من أحجار الشطرنج لأنه في حياته كان مفتوناً به} غلبتك . ثم مات .
** وقيل لآخر : قل لا إله إلا الله. فجعل يهذي بالغناء ويقول تاتنا تنتنا حتى مـــــــات .
** وقيل لآخر : قل لا إله إلا الله . فقال : ما ينفعني ما تقول ولم أدع معصية إلا ارتكبتها ثم مات ولم يقلها .
** وقيل لآخر ذلك . فقال : وما يغني عنّي وما أعرف أني صليت لله صلاة ثم قُضي ولم يقلها .
** وقيل لآخر ذلك فقال : هو كافــــــــر بما تقول وقضي
من كتاب :الجزاء من جنس العمل د/ سيد حسين العفاني