بعد مرور خمسين عاما على الرحلة التاريخية لرائد الفضاء يوري غاغارين ما زالت روسيا تحتل مكانة لا غنى عنها في مجال الرخلات المأهولة الى الفضاء واطلاق الاقمار الصناعية، لكنها ترتكز في جزء كبير من ذلك على انجازات الحقبة السوفياتية.
فمن المقرر ان تطلق وكالة الفضاء الروسية هذا العام 48 صاروخا الى الفضاء، أي بزيادة نسبتها 50% عن العام 2010، وخصوصا اربعة صواريخ من طراز سويوز مأهولة باتجاه محطة الفضاء الدولية اضافة الى خمسة صواريخ من طراز بروغرس لنقل المؤن اليها، مؤكدة على موقعها الثابت في مجال اطلاق الاقمار الصناعية.
وقال الخبير في مجال الفضاء ايغور مارينين لوكالة فرانس برس "لدينا العدد الاكبر من عمليات اطلاق المركبات الفضائية في العالم، وطلبات من الخارج لاطلاق صواريخ تضع اقمارا صناعية في مدارها".
وما زالت عملية ارسال رواد فضاء الى محطة الفضاء الدولية حكرا على الولايات المتحدة وروسيا، لكن الاميركيين سيعهدون بهذا الامر الى صواريخ سويوز الروسية بعد إطلاق آخر مكوكين لهم، وذلك بانتظار الطراز الجديد من المكوكات الاميركية الذي لن يكون جاهزا قبل العام 2015.
وتعد صواريخ سويوز (الوحدة باللغة الروسية) رأس الحربة في قطاع الفضاء الروسي، فهذا الطراز من الصواريخ اوكلت اليه مهمة اطلاق اول قمر صناعي (سبوتنيك في العام 1957)، ومن ثم اطلاق رحلة غاغارين الى الفضاء بعد ذلك بأربع سنوات.
ويبلغ مجموع عدد المهمات التي نفذتها صواريخ سويوز اكثر من 1700، معظمها اطلق من قاعدة بايكونور الفضائية في كازاخستان، كما ان هذه الصواريخ اوكلت اليها مهمة الرحلات السياحية الى محطة الفضاء الدولية، والتي تصل كلفة الرحلة الواحدة منها الى عشرات الملايين من الدولارات.
وضع النموذج الاول من صواريخ سويوز في الخدمة العام 1957، وهو صاروخ بسيط آمن ورخيص الثمن. ومن المقرر ان تبدأ رحلات سويوز الى الفضاء انطلاقا من قاعدة كورو في غويانا الفرنسية في 31 آب/اغسطس وفقا لاتفاق فرنسي روسي في مجال الفضاء.
وسيتيح هذا الاتفاق لوكالة الفضاء الاوروبية ان يكون في متناولها مجموعة كاملة من الصورايخ الفضائية، اذ تنضم صواريخ سويو الى الصواريخ الاوروبية اريان 5 وفيغا.
وقد جرى تطوير صواريخ سويوز مرات عدة، لكن أي تعديل جذري لم يطرأ عليها منذ نسختها الاولى.
إلا ان ايغور مارينين يرى ان برنامج الفضاء الروسي ينقصه الطموح مقارنة ببرنامج وكالة الفضاء الاميركية ناسا او وكالة الفضاء الاوروبية.
فالعديد من الاكتشافات الفضائية جرت على يد الاوروبيين، وهناك تعاون بين الاميركيين والاوروبيين في برامج استكشاف كوكب المريخ في المستقبل.
وبعدما حقق الاتحاد السوفياتي تقدما كبيرا في مجال الفضاء، عادت روسيا وانكفأت في هذا المجال واضطرت الى التعاون مع خصومها في الحرب الباردة بسبب نقص الاموال.
كما ان الروس اضطروا الى التخلي عن محطة مير الفضائية في العام 2001، والتي كانت منذ العام 1986 تشكل رمزا للنجاح السوفياتي في مجال الفضاء، وتعاونوا مع الدول الغربية في بناء محطة الفضاء الدولية.
وفي السنوات التي تلت تفكك الاتحاد السوفياتي في العام 1991، لجأت روسيا الى اعادة هيكلة قطاع الفضاء بسبب النقص في الموارد المالية.
لكن الوضع هذا تغير مع وصول فلاديمير بوتين الى الكرملين في العام 2000، وانتعاش البلاد جراء ارتفاع عائدات النفط.
ومنذ العام 2008، تضاعفت ميزانية وكالة الفضاء الروسية روسكوسموس أكثر من مرتين حتى وصلت في العام الجاري الى 94,3 مليار روبل (3,2 مليار دولار)، لكنها ما تزال بعيدة عن ميزانية وكالة الفصاء الاميركية الى تصل الى 19 مليار دولار، بحسب الخبير ايغور ليسوف.
وتسعى روسيا الى اطلاق نطام غلوناس، الذي تعود فكرته الى الثمانيات، في محاولة لمنافسة نظام جي بي اس الاميركي لتحديد المواقع الجغرافية ونظام غاليليو الاوروبي المماثل المرتقب، لكن غلوناس لم يبصر النور بعد.
وتأمل روسيا ان تطلق هذا العام المسبار فوبوس-غرانت الذي سيرسل صورا لاحد قمري كوكب المريخ "فوبوس"، وستكون هذه اول مهمة روسية الى كوكب آخر منذ 15 عاما.